سورة الجن - تفسير تفسير الألوسي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الجن)


        


{وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ نْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا (10)}
{وَأَنَّا لاَ نَدْرِى أَشَرٌّ أُرِيدَ ن فِى الارض} بحراسة السماء {أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا} أي خيرًا كالتتمة لذلك فالحامل في الحقيقة تغير الحال عما كانوا ألفوه والاستشعار أنه لأمر خطير والتشوق إلى الإحاطة به خبرًا ولا يخفى ما في قولهم أشر أريد إلخ من الأدب حيث لم يصرحوا بنسبة الشر إلى الله عز وجل كما صرحوا به في الخير وإن كان فاعل الكل هو الله تعالى ولقد جمعوا بين الأدب وحسن الاعتقاد.


{وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا (11)}
{وَأَنَّا مِنَّا الصالحون} أي الموصوفون بصلاح الحال في شأن أنفسهم وفي معاملتهم مع غيرهم المائلون إلى الخير والصلاح حسا تقتضيه الفطرة السليمة لا إلى الشر والفساد كما هو مقتضى النفوس الشريرة {وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ} أي قوم دون ذلك المذكور ويطرد حذف الموصوف إذا كان بعض اسم مجرور ن مقدم عليه والصفة ظرف كما هنا أو جملة كما في قوله منا أقام ومنا ظعن وأرادوا بهؤلاء القوم المقتصدين في صلاح الحال على الوجه السابق لا في الايمان والتقوى كما قيل فإن هذا بيان لحالهم قبل استماع القرآن كما يعرب عنه قوله تعالى: {كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا} وأما حالهم بعد استماعه فستحكى بقوله تعالى: {وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الهدى} إلى قوله تعالى: {وَأَنَّا مِنَّا المسلمون} [الجن: 13، 14] إلخ وجوز بعضهم كون دون عنى غير فيكون دون ذلك شاملًا للشرير المحض وأيًا ما كان فجملة {كُنَّا} إلخ تفسير للقسمة المتقدمة لكن قيل الأنسب عليه كون دون عنى غير والكلام على حذف مضاف أي كنا ذوي طرائق أي مذاهب أو مثل طرائق في اختلاف الأحوال أو كانت بطرائقنا طرائق قددًا وكون هذا من تلقي الركبان لا يلتفت إليه وعدم اعتبار التشبيه البليغ ليستغني عن تقدير مثل قيل لأن المحل ليس محل المبالغة وجوز الزمخشري كون طرائق منصوبًا على الظرفية بتقدير في أي كنا في طرائق وتعقب بأن الطريق اسم خاص لموضع يستطرق فيه فلا يقال للبيت أو المسجد طريق على الإطلاق وإنما يقال جعلت للمسجد طريقًا فلا ينتصب مثله على الظرفية إلا في الضرورة وقد نص سيبويه على أن قوله:
كما عسل الطريق الثعلب ***
شاذ فلا يخرج القرآن الكريم على ذلك وقال بعض النحاة هو ظرف عام لأن كل موضع يستطرق طريق والقدد المتفرقة المختلفة قال الشاعر:
القابض الباسط الهادي بطاعته *** في فتنة الناس إذ أهواؤهم قدد
جمع قدة من قدادًا قطع كأن كل طريق لامتيازها مقطوعة من غيرها.


{وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا (12)}
{وَأَنَّا ظَنَنَّا} أي علمنا الآن {أَن لَّن نُّعْجِزَ الله} أي أن الشأن لن نعجز الله تعالى كائنين {فِى الارض} أي أينما كنا من أقطارها {وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَبًا} أي هاربين منها إلى السماء فالأرض محمولة على الجملة ولما كان ولن إلخ في مقابلة ما قبل لزم أن يكون الهرب إلى السماء وفيه ترق ومبالغة كأنه قيل لن نعجزه سبحانه في الأرض ولا في السماء وجوز أن لا ينظر إلى عموم ولا خصوص كما في أرسلها العراك ويجعل الفوت على قسمين أخذًا من لفظ الهرب والمعنى لن نعجزه سبحانه في الأرض إن أراد بنا أمرًا ولن نعجزه عز وجل هربًا إن طلبنا وحاصله إن طلبنا لم نفته وإن هربنا لم نخلص منه سبحانه وفائدة ذكر الأرض تصوير أنها مع هذه البسطة والعراضة ليس فيها منجا منه تعالى ولا مهرب لشدة قدرته سبحانه وزيادة تمكنه جل وعلا ونحوه قول القائل:
وإنك كالليل الذي هو مدركي *** وإن خلت أن المنتأى عنك واسع
وقيل فائدة ذكر الأرض تصوير تمكنهم عليها وغاية بعدها عن محل استوائه سبحانه وتعالى وليس بذاك وكون في الأرض وهربًا حالين كما أشرنا إليه هو الذي عليه الجمهور وجوز في هربًا كونه تمييزًا محولًا عن الفاعل أي لن يعجزه سبحانه هربنا.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8